السيارة أولاً أم العروسة أولاً … صعوبات الحياة كيف نقهرها؟
كيف نواجه صعوبات الحياه ؟
زيد متزوج ويمتلك بيت كبير وسيارة فارهة…
س: متى تزوج زيد؟
ج: بعد أن حصل على وظيفة مرموقة في شركة كبرى
س: لماذا حصل زيد على هذه الوظيفة المرموقة؟
ج: لأنه حصل قبلها على شهادة جامعية رفيعة
إذاً سأفعل مثل زيد, سأذاكر بجد, ثم أحصل على الشهادة الجامعية المحترمة, وبعد الشهادة سأحصل على الوظيفة التي أحلم بها, ثم بعد ذلك سأشتري بيتاً وبعد البيت سأتزوج لا محالة وسأشتري سيارة, لكن المشكلة التي تواجهني الآن هل أشتري السيارة أولاً أم أتزوج أولاً؟
هذا هو التتابع المنطقي الذي نؤمن به جميعاً, المذاكرة تؤدي إلى الشهادة, والشهادة تؤدي إلى الوظيفة, والوظيفة تؤدي إلى الزواج… أليس كذلك؟ لكن ماذا لو حدث شيء أخل بهذا التتابع؟ بالطبع ستتأزم حالتنا النفسية, وربما نشعر بالقهر الاجتماعي, وقد ننطوي وقد يفقد البعض الثقة في نفسه, والبعض قد يلجأ إلى المخدرات, والقلة قد تقدم على الانتحار.
هل التتابع المنطقي الذي نؤمن به منطقي فعلاً؟
في الحالة السابقة سبب تأزم حالتنا النفسية يعود لسببين: أولهما أننا نظرنا إلى زيد بعد أن حقق كل شيء في حياته, مشكلتنا أننا لم نتابع زيداً من البداية, وثانيهما هو التتابع المنطقي الذي نؤمن به, فلا هو تتابع ولا هو منطقي, وذلك لأننا تقمصنا دون أن ندري دور الرقيب المستبد, فحذفنا من هذا التتابع بعض المشاهد الأساسية, فالتتابع الصحيح والمنطقي يجب أن يكون على النحو التالي:
مذاكرة +صعوبات= شهادة
شهادة + صعوبات= وظيفة
وظيفة + صعوبات = استقرار اجتماعي
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: لماذا حذفنا مشهد الصعوبات المتكرر من التتابع الذي نؤمن به, هل حذفناه اقتناعاً؟ أم حذفناه هروباً؟
ما هي هذه الصعوبات؟
صعوبات الحياة التي تواجهنا كثيرة, منها ما هو بدني ومنها ما هو نفسي, فنحن لا نستمتع بالمذاكرة كاستمتاعنا بمشاهدة فيلم من أفلام الخيال العلمي, نحن نرغم أنفسنا على المذاكرة إرغاماً, وذلك لأننا نرى الأخرين يلعبون ويلهون ويعيشون حياتهم بحرية, بينما نحن حبيسي الغرف, وبعد نجحنا الصعب هذا وبعد الحصول على الشهادة هناك صعوبات أخرى كثيرة, فالحصول على الوظيفة ليس سهلاً, ونظرت الأمل التي تملئ عين أسرتك مع قلة حيلتك تكاد تقتلك, هناك من هم أصغر منك سناً حصل على وظيفة بالواسطة, بعض المحيطين بك يرمقونك بنظرات يملها التشفي والغل بلا سبب, الفراغ يقتلك, الخوف من المستقبل يملئ قلبك…الخ. الخ …الخ
صعوبات الحياة تريد تعليمك شيء ما
هناك نظرية علمية تسمى ” نظرية العوامل المعارضة” ملخص هذه النظرية هو أن أي قرار يتخذه الإنسان في حياته مهما كان بسيطاً لا بد وأن يقابله عامل معارض واحد على الأقل, وظيفة هذا العامل المعارض إفشال هذا القرار, لكن بالرغم من ذلك نجاح هذا القرار يكمن في الطريقة التي بواسطتها يتم قهر هذا العامل المعارض, عن نفسي أنا أؤمن بهذه النظرية, فنحن حتى نتمكن من الطيران كان حتماً علينا تحدي (غلاسة) الجاذبية, إذا أردنا التفوق الدراسي علينا مواجهة ثقل دم المذاكرة, وإذا فكرنا في إنشاء مشروع تجاري علينا أن نوفر رأس المال وعلينا أيضاً التفكير ألف مرة في كيفية التخلص من صفاقة المخبرين ورجال البلدية وأمور التراخيص والذي منه.
أنا معك, هناك من عمل بعد تخرجه مباشرة بالوساطة, أن معك أن التتابع المنطقي لهؤلاء هو شهادة ثم وظيفة ثم زواج, لكنك لا ترى الصورة كاملة , لم تصبر حتى ترى المسلسل إلى أخر حلقة, فهؤلاء الذين لم يعانوا في حياتهم تتابعهم كالتالي: شهادة, وظيفة, زواج, صعوبات, صعوبات, صعوبات. صعوبات الحياة شيء حتمي لا ينجو منها أحد, ولا تخطئ احد, وكما أن وجود هذه الصعوبات حتمي, الخلاص من هذه الصعوبات حتمي أيضاً, فصعوبات الحياة تعلم من يتوقعها ويتحداها, وتهزم من يتجاهلها ويستسلم لها.
نعم هناك من يتجاهل هذه الصعوبات, هناك الكثير من الجبناء من يخافون مواجهتها, فإذا قلت له, لماذا لا تقم بعمل كذا؟ يقول لك لو فعلت كذا لحدث كذا وكذا, هؤلاء لن ينجزون شيئاً في الحياة, لأن كل الإنجازات العظيمة في الحياة لابد وأن يكتنفها صعوبات جمة, فالمشروع التجاري له مخاطرة, والوظيفة لها تحدياتها, وكل خطوة تخطوها توجد جاذبية معارضة تحاول أن تحد منها, على هكذا جبلت الحياة, فنحن في الدنيا وليس في عليين. استقرأ التاريخ, وتأمل وحلل, ستجد أن معظم عظماء التاريخ في وطننا العربي نجحوا وحققوا ما كانوا يصبون إليه, بالصبر والتخطيط والعمل المستمر, نجحو جميعاً بالرغم من وجود الوساطة والظروف السياسية الصعبة والاستبداد والقهر الاجتماعي.
الإنسان السوي هو الذي يصبر على المكاره, هو الذي يعيش حياته بتفاؤل وثقة بالله مع الأخذ بأسباب النجاح, والأخذ بالأسباب يكون على قدر المستطاع, فليس المطلوب منك أن تأخذ دورات تدريبية في أكبر المراكز التعليمية بألاف الدولارات, طور نفسك على قدر قدراتك المادية, وأصبر حتى أخر الصبر, وأعلم أن 95% من المخاوف المستقبلية التي تدور في نفسك لن تحدث كما أقر علماء النفس, فأنت لن تظل بلا عمل مدى الحياة, لن تظل تائهاً هائماً مهمشاً إلى الأبد, وأسأل من سبقوك, أسال والدك, أسأل أخيك الأكبر, أسألني أنا, سأجيبك قائلاً أني تخرجت منذ أكثر من عشر سنوات والأن لا يوجد أحد من زملائي عاطلاً رغم المحسوبية, كل واحد منهم وجد موطئ لقدميه بعد معاناة تارة ومحن تارة أخرى.
﴿الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاء وَاللّهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلاً وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾ [البقرة:268]
المصدر
تعليقات
إرسال تعليق